وروى عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني
قال عليه السلام: الرضى بمكروه والقضاء أرفع درجات اليقين.
وقال عليه السلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.
وقيل له: من أعظم الناس خطرا (١)؟ فقال عليه السلام: من لم ير الدنيا خطرا لنفسه.
وقال بحضرته رجل: اللهم أغننى عن خلقك (٢).
فقال عليه السلام: ليس هكذا: إنما الناس بالناس ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار خلقك.
وقال عليه السلام: من قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس (٣).
وقال عليه السلام: لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.
وقال عليه السلام: اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير (٤).
وقال عليه السلام: كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.
وقال عليه السلام: الخير كله صيانة الانسان نفسه.
وقال عليه السلام لبعض بنيه: يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي، فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر تحفة يسيرة.
وقال
له رجل: ما الزهد؟ فقال عليه السلام: الزهد عشرة أجزاء (٥): فأعلى درجات
الزهد أدنى درجات الورع وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين وأعلى درجات
اليقين أدنى درجات الرضى.
وإن الزهد في آية من كتاب الله: " لكى لا تأسوا على ما فاتكم
___________________________________
(١) الخطر - بالتحريك -: الخطير أى ذو قدر ومقام.
(٢) في بعض النسخ [ من خلقك ].
(٣) في بعض النسخ [ كان ] موضع " فهو ".
(٣)
رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٣٣٨ وفيه بعد قوله: " على الكبير ": " أما
علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه
الله صديقا وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذابا ".
(٥)
رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ١٢٩ باسناده عن هاشم بن بريد عن أبيه أن
رجلا سأل على بن الحسين عليه السلام عن الزهد فقال: عشرة أشياء ..حديث.
وفى ص ٦٢: عنه عليه السلام أيضا وفيه عشرة أجزاء وهكذا رواه الصدوق في الخصال.
(*)
[٢٧٩ ]
ولا تفرحوا بما آتيكم (١) ".
وقال
عليه السلام: طلب الحوائج إلى الناس مذلة للحياة ومذهبة للحياء واستخفاف
بالوقار وهو الفقر الحاضر. وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر.
وقال
عليه السلام: إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملا. وإن أعظمكم عند الله عملا
أعظمكم فيما عند الله رغبة. وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله. وإن
أقربكم من الله أوسعكم خلقا. وإن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله (٢).
وإن أكرمكم على الله أتقاكم لله.
وقال
عليه السلام لبعض بنيه: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا
ترافقهم في طريق، فقال: يا أبة من هم (٣)؟ قال عليه السلام: إياك ومصاحبة
الكذاب، فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب.
وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة (٤) أو أقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه.
وإياك ومصاحبة الاحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه. فإني وجدته ملعونا في كتاب الله (٥).
وقال عليه السلام: إن المعرفة وكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه وقلة مرائه وحلمه وصبره وحسن خلقه (٦).
___________________________________
(١) سورة الحديد آية ٢٣.
(٢) وكذا في الكافى والفقيه.
وفى بعض النسخ [ أسعاكم على عياله ].
(٣) في الكافى ج ٢ ص ٦٤١ [ يا أبة من هم عرفنيهم ].
(٤) الاكلة - بضم الهمزة - اللقمة.
(٥)
رواه الكلينى (ره) في الكافى ج ٢ ص ٦٤١ وفيه [ فانى وجدته ملعونا في كتاب
الله عزوجل في ثلاثة مواضع: قال الله عزوجل: " فهل عسيتم إن توليتم أن
تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى
أبصارهم،.
وقال
عزوجل: " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن
يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ".
وقال في البقرة: " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك هم الخاسرون " ].
(٦) رواه الصدوق (ره) في الخصال والكلينى (ره) في الكافى ج ٢ ص ٢٤٠ وفيهما [ إن المعرفة بكمال دين المسلم ].
(*)
[٢٨٠]
وقال
عليه السلام: ابن آدم ! إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما
كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحذر لك دثارا (١).
ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزوجل، فأعد له جوابا (٢).
وقال عليه السلام: لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع. ولا كرم إلا بتقوى. ولا عمل إلا بنية.
ولا عبادة إلا بالتفقه (٣).
ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.
وقال عليه السلام: المؤمن من دعائه على ثلاث: إما أن يدخر له وإما أن يعجل له وإما أن يدفع عنه بلاء يريد أن يصيبه.
وقال
عليه السلام: إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر ولا يأتي، إذا قام إلى
الصلاة اعترض (٤) وإذا ركع ربض وإذا سجد نقر، يمسي وهمه العشاء ولم يصم (٥)
ويصبح وهمه النوم ولم يسهر والمؤمن خلط عمله بحلمه، يجلس ليعلم (٦) وينصت
ليسلم لا يحدث بالامانة الاصدقاء ولا يكتم الشهادة للبعداء ولا يعمل شيئا
من الحق رئاء ولا يتركه حياء، إن زكي خاف مما يقولون ويستغفر الله لما لا
يعلمون ولا يضره جهل من جهله.
ورأى عليه السلام عليلا قد برئ فقال عليه السلام له: يهنؤك الطهور من الذنوب إن الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره.
___________________________________
(١) رواه المفيد (ره) في أماليه وفيه [ والحزن دثارا ]. وهكذا في أمالى الشيخ.
(٢) في الامالى [ ابن آدم إنك ميت ومبعوث بين يدى الله .. الخ ].
(٣) رواه الصدوق (ره) في الخصال وفيه [ الا بتفقه ].
(٤)
رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٣٩٦ عن ابى حمزة عنه عليه السلام وفيه [
يأمر بما لا يأتى وإذا قام إلى الصلاة اعترض، قلت: يا ابن رسول وما
الاعتراض؟ قال: الالتفات.
واذا ركع ربض الخ ].
والربوض
استقرار الغنم وشبهه على الارض وكأن المراد انه يسقط نفسه على الارض من
قبل أن يرفع رأسه من الركوع كاسقاط الغنم عند ربوضه، والنقر التقاط الطائر
الحب بمنقاره.
أى خفف السجود. ورواه الصدوق رحمه الله في الامالى مجلس ٧٤ بتقديم وتأخير مع زيادة.
(٥) العشاء - بالفتح: الطعام الذى يتعشى به.
(٦)
رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٢٣١ وفيه [ يصمت ليسلم ] وينطق ليغنم، لا
يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء - إلى أن قال -: لا يغره
قوله من جهله ويخاف احصاء ما عمله ].
(*)
[٢٨١]
وقال
عليه السلام: خمس لو رحلتم فيهن لانضيتموهن (١) وما قدرتم على مثلهن: لا
يخاف عبد إلا ذنبه . ولا يرجوا إلا ربه .. ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عما
لا يعلم أن يتعلم .. والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد. ولا إيمان
لمن لا صبر له.
وقال عليه السلام: يقول الله: يا ابن آدم ارض بما آتيتك تكن من أزهد الناس.
ابن آدم ! إعمل بما افترضت عليك تكن من أعبد الناس.
ابن آدم ! اجتنب [ م ] ما حرمت عليك تكن من أورع الناس.
وقال عليه السلام كم من مفتون بحسن القول فيه. وكم من مغرور بحسن الستر عليه. وكم من مستدرج بالاحسان إليه.
وقال
عليه السلام: يا سوأتاه لمن غلبت إحداته عشراته - يريد أن السيئة بواحدة
والحسنة بعشرة - وقال عليه السلام: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة . وإن الآخره
قد ترحلت مقبلة و لكل واحد منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا
من أبناء الدنيا، فكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، لان
الزاهدين اتخذوا أرض الله بساطا والتراب فراشا والمدر وسادا والماء طيبا،
وقرضوا المعاش من الدنيا تقريضا. اعلموا أنه من اشتاق إلى الجنة سارع إلى
الحسنات وسلا عن الشهوات(٢)
ومن
اشفق من النار بادر بالتوبة إلى الله من ذنوبه وراجع عن المحارم. ومن زهد
في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها. وإن لله عزوجل لعبادا قلوبهم
معلقة بالآخرة وثوابها وهم كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين منعمين وكمن
رأى أهل النار في النار معذبين، فأولئك شرورهم وبوائقهم عن الناس مأمونة
وذلك أن قلوبهم عن الناس مشغولة بخوف الله، فطرفهم عن الحرام مغضوض
وحوائجهم إلى الناس خفيفة، قبلوا اليسير من الله في
___________________________________
(١) أنضت الدابة: هزلتها الاسفار.
والظاهر
أن الضمير راجع إلى المطية التى تفهم من فحوى الكلام وقد مضى هذا الكلام
أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام وفى بعض النسخ [ لو دخلتم فيهن
لابعتموهن ].
ورواه الصدوق في الخصال عن امير المؤمنين عليه السلام وليست فيه " لانضيتموهن ".
(٢) سلا عن الشئ: نسيه وهجره.
واشفق: خاف وحذر.
ورواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ١٣٢ بادنى تفاوت.
(*)
[٢٨٢]
المعاش وهو القوت، فصبروا أياما قصارا لطول الحسرة يوم القيامة.
وقال له رجل: إني لاحبك في الله حبا شديدا.
فنكس عليه السلام رأسه (١) ثم قال: اللهم إني أعوذ بك أن احب فيك وأنت لي مبغض.
ثم قال له: احبك للذي تحبني فيه.
وقال عليه السلام: إن الله ليبغض البخيل السائل الملحف.
وقال عليه السلام: رب مغرور مفتون يصبح لاهيا ضاحكا، يأكل ويشرب وهو لا يدري لعله قد سبقت له من الله سخطة يصلى بها نار جهنم (٢).
وقال عليه السلام: إن من أخلاق المؤمن الانفاق عليه قدر الاقتار (٣). والتوسع على قدر التوسع.
وإنصاف الناس من نفسه وابتداءه إياهم بالسلام.
وقال عليه السلام: ثلاث منجيات للمؤمن: كف لسانه عن الناس واغتيابهم. وإشغاله نفسه بما ينفعه لآخرته ودنياه وطول البكاء على خطيئته.
وقال عليه السلام: نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة.
وقال
عليه السلام: ثلاث من كن فيه من المؤمنين كان في كنف الله (٤) وأظله الله
يوم القيامة في ظل عرشه وآمنه من فزع اليوم الاكبر: من أعطى الناس من نفسه
ما هو سائلهم لنفسه. ورجل لم يقدم يدا ولا رجلا حتى يعلم أنه في طاعة الله
قدمها أو في معصيته. ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه.
وكفى بالمرء شغلا بعيبه لنفسه عن عيوب الناس.
وقال عليه السلام: ما من شئ أحب إلى الله بعد معرفته من عفة بطنوفرج.
وما [ من ] شئ أحب إلى الله من أن يسأل.
وقال
لابنه محمد عليهما السلام: افعل الخير إلى كل من طلبه منك، فإن كان أهله
فقد أصبت موضعه وإن لم يكن بأهل كنت أنت أهله. وإن شتمك رجل عن يمينك ثم
تحول إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره (٥).
___________________________________
(١) ونكس رأسه: طأطأه وخفضه.
(٢) في بعض النسخ [ يصله بها في نار جهنم ].
(٣) الاقتار: القلة والتضييق في الرزق.
(٤) كنف الله - بالتحريك -: ظله وحضنه.
(٥) رواه الكلينى في الروضة وفيه [ وإن لم يكن أهله كنت أنت أهله ].
(*)
[٢٨٣]
وقال
عليه السلام: مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح (١). وآداب العلماء زيادة
في العقل. وطاعة ولاة الامر تمام العز واستنماء المال تمام المروة (٢).
وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة وكف الاذى من كمال العقل وفيه راحة للبدن
عاجلا وآجلا (٣).
وكان
علي بن الحسين عليهما السلام إذا قرأ هذه الآية: " وإن تعدوا نعمة الله لا
تحصوها (٤) " يقول عليه السلام: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه
إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر
من العلم بأنه لا يدركه، فشكر عزوجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته
وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا،
علما منه أنه قد [ ر ] وسع العباد فلا يجاوزن ذلك.
وقال عليه السلام: سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمدا. سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكرا.
___________________________________
(١) في الكافى [ مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ]. ويناسبها " إدآب العلماء " لا " آداب ".
(٢) في الكافى [ طاعة ولاة العدل تمام العز واستثمار المال تمام المروءة ].
(٣)
في كلامه عليه السلام ترغيب إلى المعاشرة مع الناس والمؤانسة بهم واستفادة
كل فضيلة من أهلها وزجر عن الاعتزال والانقطاع اللذين هما منبت النفاق
ومغرس الوسواس والحرمان عن المشرب الاتم المحمدى والمقام المحمود. والموجب
لترك كثير من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعية وآداب الجمعة والجماعات
وانسداد أبواب مكارم الاخلاق. (الوافى).
(٤) سورة ابراهيم آية ٣٧. أى لا تحصروها ولا تطيقوا عد أنواعها فضلا من أفرادها فانها غير متناهية .. (البيضاوى).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق