الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

ما روي عن الإمام الحسين (ع) - كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه


* (كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه (٢)) *
أما بعد فتبا لكم أيتها الجماعة وترحا، حين استصرختمونا ولهين فاصرخناكم موجفين (٣) سللتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلبا لفا على أوليائكم ويدا لاعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم
___________________________________
(١) القصر: الجهد والغاية. والمرمى: مصدر ميمى أو مكان الرمى وزمانه.
والمدى: الغاية والمنتهى. ويذهل: ينسى ويسلو - من الذهول -: الذهاب عن الامر بدهشة.
اى لو كانت الدنيا آخر أمركم وليس وراء‌ها شئ لجدير بأن الانسان يجد ويتعب ويسعى لطلب الخلاص من الموت وتبعاته ويشغل عن غيره.
(٢) ذكر المؤرخون وأهل السير: لما أحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة فخرج حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلى فتسمعوا قولى وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعنى كان من المرشدين ومن عصانى كان من المهلكين وكلكم عاص لامرى غير مستمع قولى فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم ويلكم ألا تنصتون، ألا تسمعون ! ! فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا: أنصتوا له، فقام الحسين عليه السلام ثم قال: تبا لكم - الخ -. ورواه السيد ابن طاووس في اللهوف والطبرسى في الاحتجاج.
(٣) تبا أى هلاكا وخسرانا. والترح - بالتحريك -: ضد الفرح.
والمستصرخ: المستغيث موجفين أى مسرعين.
(*)
[٢٤١]
ولا لامل أصبح لكم فيهم وعن غير حدث كان منا ولا رأى تفيل عنا (١) فهلا - لكم الويلات - تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستحصف ولكن استسرعتم إليها كتطائر الدبى وتداعيتم عنها كتداعي الفراش (٢) فسحقا وبعدا لطواغيت الامة وشذاذ الاحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان ومحر في الكلام ومطفئ السنن وملحقي العهرة بالنسب (٣)، المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين
والله إنه لخذل فيكم معروف، قد وشجت عليه عروقكم وتوارت عليه اصولكم (٤) فكنتم أخبث ثمرة شجا للناطر، واكلة للغاصب (٥) ألا فلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا.
ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز منا بين اثنتين بين الملة والذلة وهيهات منا الدنيئة (٦) يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وانوف حمية ونفوس أبية وأن (٧) نؤثر طاعة اللئام على مصراع الكرام
___________________________________
(١) حششم النار أى أوقدتم. وقدح واقتدح بالزند: حاول إخراج النار منه والاقتداح بالفارسية (چقماق يا كبريت زدن است). والالب اجتماع القوم تجمعهم عداوة واحدة. واللف - مصدر - يقال: جاؤوا بلفهم وبلفتهم أى بجماعتهم وأخلاطهم. وتفيل رأيه أى أخطأ وضعف.
(٢) في بعض نسخ الحديث [ كرهتمونا وتركتمونا ]. وشام سيفه: دخله في غلافه. والجأش: رواغ القلب إذا اضطرب عند الفزع والطامن: الساكن. واستحصف أى استحكم. والدبا: الجراد. وفى بعض نسخ الحديث [ كطيرة الدبا ]. والتداعى: التساقط . والفراش - بالفتح - جمع الفراشة وهى حيوان ذو جناحين يطير ويتهافت على السراج فيحترق.
(٣) العهر من عهر المرأة إذا زنى. والعاهر: الفاجر الزانى.
(٤) عضين - جمع عضة وأصله عضوة فنقصت الواو وكذلك جمعت عضين والتعضبة -: الفريق أى جعلوه جزء‌ا جزء‌ا، أو لان المشركين فرقوا أقاويلهم فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا.
وقيل: عضين في لغة قريش -: السحر. وشجت العروق: اشتبكت. وتوارت: استترت.
(٥) الشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. والاكلة - بضم الهمزة -: اللقمة وفى بعض نسخ الحديث [ شجا للناظر ]. والصواب " الناطر " أى حارس النخل والكرم والزرع والحديقة.
(٦) الدعى: الذى يدعى غير أبيه والمتهم في نسبه. وركز منا أى أقامنا بين الامرين. وفى بعض نسخ الحديث [ تركنى بنى اثنتين ] وهو الاظهر. والملة الشريعة والطريقة وفى رواية الاحتجاج - للطبرسى - [ القلة ]. وفى رواية ابن طاووس [ السلة ] وهى بالفتح والكسر -: استلال السيوف.
والمراد بالدعى ابن الدعى عبيد الله بن زياد بن أبيه. والدنيئة في بعض نسخ الحديث [ الذلة ].
(٧) في بعض نسخ الحديث [ من أن نؤثر ].
(*)
[٢٤٢]
وإني زاحف إليهم بهذه الاسرة (١) على كلب العدو وكثرة العدد وخذلة الناصر، ألا وما يلبثون إلا كريثما يركب الفرس حتى تدور رحا الحرب وتعلق النحور (٢). عهد عهده إلي أبي عليه السلام. فاجمعوا أمركم ثم كيدون فلا تنظرون، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق