الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

ما روي عن أمير المؤمنين (ع) - ومن كلامه عليه السلام لكميل بن زياد

ومن كلامه عليه السلام لكميل بن زياد

بعد اشياء ذكرها (5) إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها. احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع (6) أتباع كل

___________________
(1) قال الله تعالى في سورة النجم آية 6: " ذو مرة فاستوى " أى ذو قوة وعقل وشدة. (2) فلج: ظفر وفاز. (3) الدنس: الوسخ. " غنما " - بضم الغين مصدر - أى فوزا. والعتبى: الرضا أى سببا له و في الكافى [ وجعل الحسنى عتبى والعتبى التوبة ]. (4) الانكال: جمع النكل - بالفتح -: القيد الشديد وفى الكافى [ وما أنكل ما لديه من الانكال ]. والبطش: الاخذ بصولة وسطوة. والوبيل: الوخيم. (5) منقول في الخصال وفى النهج مع أدنى اختلاف وكميل كان من أكابر أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن، وجلالة هذا الرجل مما تحدث به المخدرات في حجالهن واعترف به المؤالف و المخالف، قال الذهبى: كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم النخعى حدث عن على عليه السلام وغيره، شهد صفين مع على (ع) وكان شريفا مطاعا ثقة عابدا على تشيعه قليل الحديث، قتله الحجاج لعنه الله. 83 ه‍ (تنقيح المقال). (6) الهمج: الذى لا خير فيه والحمقى. والرعاع - بالفتح -: سفلة الناس. (*)

[170]

ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدوا ولم يلجأوا إلى ركن وثيق فينجوا. يا كميل العلم خير من المال. العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تفنيه النفقة (1) والعلم يزكو على الانفاق. العلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل بن زياد محبة العالم دين يدان به (2) به يكسب الانسان الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته. ومنفعة المال تزول بزواله. مات خزان الاموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر. أعيانهم مفقودة وأمثلتهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - لم أصب له خزنة (3) بلى أصيب لقنا غير مأمون، مستعملا آلة الدين في طلب الدنيا، يستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمة الله على معاصيه أو منقادا لحملة الحق (4) لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، اللهم لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة (5) سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين ولا من ذوي البصائر واليقين. أقرب شبها بهما الانعام السائمة (6) كذلك يموت العلم بموت حملته. اللهم بلى، لا يخلو الارض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا (7)

___________________
(1) في النهج [ تنقصه النفقة ]. (2) في النهج [ العلم دين يدان به، به يكتسب الانسان الطاعة في حياته ]. وذلك لان العلم أشبه شئ بالدين، فالعالم في قومه كالنبى في امته، يوجب على المتدينين طاعة صاحبه في حياته والثناء عليه بعد وفاته. والاحدوثة - بالضم - ما يتحدث به. (3) أى لم أجد له خازنين. واللقن - بفتح فكسر -: سريع الفهم. (4) " منقادا " معطوف على " لقنا ". والاحناء: جمع حنو: طرف الشئ وجانبه. والمراد جوانب الحق وخفاياه ودقائقه. (5) المنهوم: المفرط في شهوة الطعام. والسلس: السهل. والقياد: حبل يقاد به. والمغرم - بفتح الراء -: المولع به. (6) السائمة: الانعام والمواشى الراعية. (7) المغمور: المقهور، المستور، المجهول، الخامل الذكر. وفى بعض النسخ [ إما ظاهرا مكشوفا أو خائفا مفردا ]. (*)

[171]

لئلا تبطل حجج الله وبيناته ورواة كتابه. وأين اولئك؟ هم الاقلون عددا، الاعظمون قدرا، بهم يحفظ الله حججه حتى يودعه نظراء‌هم ويزرعها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الايمان، فباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعر منه المترفون (1) واستأنسوا بما استوحش منه الجاهلون. صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى. يا كميل اولئك امناء الله في خلقه وخلفاؤه في أرضه وسرجه في بلاده (2) والدعاة إلى دينه. واشوقاه إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق