[ بسم الله الرحمن الرحين ]
وروى عن الامام التقى السبط الشهيد أبى عبدالله، الحسين بن على عليهما السلام في طوال هذه المعانى
* (من كلامه عليه السلام) *
* (في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين عليه السلام) *
اعتبروا
أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الاحبار إذ يقول: "
لولا ينهيهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم (١) " وقال: " لعن الذين
كفروا من بني إسرائيل - إلى قوله - لبئس ما كانوا يفعلون (٢) " وإنما عاب
الله ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر
والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون
والله يقول: " فلا تخشوا الناس واخشون (٣) " وقال: " المؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (٤) " فبدأ الله بالامر
بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه، لعلمه بأنها إذا اديت وأقيمت
استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها وذلك أن الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفيئ
والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها، ثم أنتم أيتها العصابة
عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس
مهابة يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد
لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها وتمشون في الطريق بهيبة
الملوك (٥) وكرامة الاكابر، أليس كل ذلك إنما
___________________________________
(١) سورة المائدة آية ٦٦.
(٢) سورة المائدة آية ٨١.
(٣) سورة المائدة آية ٤٧.
(٤) سورة التوبة آية ٧٢.
(٥) في بعض النسخ [ بهيئة الملوك ].
(*)
[٢٣٨]
نلتموه
بما يرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون فاستخففتم
بحق الائمة، فأما حق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم فطلبتم. فلا مالا
بذلتموه ولا نفسصا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله
انتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه. لقد خشيت عليكم
أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لانكم بلغتم من كرامة
الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده
تكرمون وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون
وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله محقورة (١) والعمى والبكم والزمنى في
المدائن مهملة لا ترحمون ولا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تعينون (٢)
وبالادهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من
النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون. وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه
من منازل العلماء لو كنتم تشعرون (٢).
ذلك
بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله (٣) الامناء على حلاله
وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق
واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة.
ولو
صبرتم على الاذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد
وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم امور
الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم
من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم
فمن بين مستبعد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك
بآرائهم (٤) ويستشعرون الخزي بأهوائهم إقتداء بالاشرار وجرأة على الجبار،
في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع (٥)، فالارض لهم شاغرة وأيديهم فيها
مبسوطة
___________________________________
(١) في بعض النسخ [ مخفورة ]. والزمنى - بالفتح -: جمع زمن - ككتف.
(٢) في بعض النسخ [ تعنون ].
(٢) في بعض النسخ [ يسعون ].
(٣) يعنى به المعصومين لقوله عليه السلام: " نحن العلماء ".
(٤) في بعض النسخ [ بآرائكم ].
(٥)
وفى بعض النسخ [ مسقع ]. يقال: خطيب مسقع ومصقع أى بليغ ويصقع ويسقع: يصاح
و يرفع بصوته. وشغر الارض اى لم يبق فيها من يحميها ويضبطها فهى شاغرة.
(*)
[٢٣٩]
والناس
لهم خول (١) لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة
شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد فيا عجبا ومالي [ لا ] أعجب والارض من
غاش غشوم (٢) ومتصدق ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم
فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم
إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان (٣) ولا التماسا من فضول
الحطام ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الاصلاح في بلادك ويأمن المظلومون
من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة
عليكم وعملوا في اطفاء نور نبيكم.
وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق