الأحد، 8 نوفمبر 2015

ما روي عن الإمام الباقر (ع) - ومن كلامه عليه السلام في أحكام السيوف

* (ومن كلامه عليه السلام في أحكام السيوف) *

سأله رجل من شيعته عن حروب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال عليه السلام له: بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف (١): ثلاثة منها شاهرة لا تغمد (٢) حتى تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم " فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " (٣). وسيف مكفوف (٤). وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا. فأما السيوف الثلاثة الشاهرة: فسيف على مشركي العرب قال الله عزوجل: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد (٥) ". " فإن تابوا - أي آمنوا - وأقاموا الصلوة وآتوا الزكوة فإخوانكم في الدين (٦) " هؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام وأموالهم فيئ وذراريهم سبي على ما سن رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه سبى وعفا وقبل الفداء.
___________________________________
(١) رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٣٢٩ من الفروع باسناده عن المنقرى عن حفص بن غياث عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سأل رجل عن حروب امير المومنين وكان القائل من محبينا فقال: بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف ... الخ.
وشيخ الطائفة أيضا في التهذيب ص ٤٦ من المجلد الثانى والصدوق (ره) في الخصال.
والمنقرى لا يحتج بحديثه، وحفص من قضاة العامة.
(٢) الشاهرة: المجردة من الغمد.
وقوله: " حتى تضع الحرب أوزارها " أى ينقضى.
والاوزار: الآلات والاثقال.
ولعل طلوع الشمس من مغربها كناية عن أشراط الساعة وقيام القيامة.
(قاله الفيض رحمه الله في الوافى).
(٣) قوله: " كسبت في ايمانها خيرا " أى لا ينفع يومئذ نفسا غير مقدمة ايمانها أو مقدمة إيمانها غير كاسبة في ايمانها خيرا.
(الوافى) (٤) في بعض النسخ [ وسيف ملفوف ] وكذا في تفسيره.
والمغمود المستور في غلافه.
وسله: إخراجه من غلافه.
(٥) سورة التوبة آية ٥.
(٦) سورة التوبة آية ١١.
(*)
[٢٨٩]
والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله سبحانه: " وقولوا للناس حسنا (١) " نزلت هذه الآية في أهل الذمة ونسخها قوله: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (٢) " فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل وما لهم فيئ، وذراريهم سبي، فإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم وحرمت أموالهم وحلت لنا مناكحهم (٣) ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم وأموالهم ولم تحل لنا مناكحتهم ولم يقبل منهم إلا دخول دار الاسلام (٤) والجزية أو القتل.
والسيف الثالث على مشركي العجم كالترك والديلم والخزر (٥) قال الله عزوجل في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم ثم قال: " فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم (٦) فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها (٧) " فأما قوله: " فإما منا بعد " يعني بعد السبي منهم " وإما فداء " يعني المفاداة بينهم وبين أهل الاسلام، فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام ولا يحل لنا نكاحهم (٨) ما داموا في دار الحرب.
وأما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال الله: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما - صلحا - فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا
___________________________________
(١) سورة البقرة آية ٨٣.
(٢) سورة التوبة آية ٣٠.
(٣) في الكافى والتهذيب [ مناكحتهم ].
(٤) فيهما [ الا الدخول في دار الاسلام ].
(٥) فيهما [ يعنى الترك والديلم والخزر ].
والخزر - بالتحريك والخاء المعجمة والزاى ثم الراء -: جيل من الناس ضيقة العيون.
(٦) أى أكثرتم قتلهم واغلظتموهم من الثخن.
(٧) سورة محمد آية ٤.
(٨) فيهما [ مناكحتهم ].
(*)
[٢٩٠]
التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله (١) " فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلى الله عليه وآله من هو؟ فقال: خاصف النعل - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - وقال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا (٢) وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر (٣) لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام مثل ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة يوم فتحها فإنه لم يسب لهم ذرية وقال: من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية ولا تدففوا على جريح (٤) ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن والسيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال الله عزوجل: " النفس بالنفس والعين بالعين (٥) " فسله إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا فهذه السيوف التي بعث الله بها محمدا صلى الله عليه وآله فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها وأحكامها فقد كفر بما أنزل الله تبارك وتعالى على محمد نبيه صلى الله عليه وآله.
___________________________________
(١) سورة الحجرات آية ٩ وهذه الاية أصل في قتال المسلمين ودليل على وجوب قتال أهل البغى وعليها بنى امير المومنين عليه السلام قتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأياها عنى رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال لعمار بن ياسر: " تقتلك الفئة الباغية ".
(٢) يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين.
(٣) السعف - بالتحريك -: جريدة النخل أو ورقه قيل ما دامت بالخوص فاذا زال عنها قيل: جريدة وأكثر ما يقال إذا يبست وأذا كانت رطبة فهى شطبة. والهجر - بالتحريك -: بلدة باليمن. واسم لجميع أرض البحرين. وانما خص هجر لبعد المسافة أو لكثرة النخل بها.
(٤) دفف على الجريح: أجهزه عليه وأتم قتله وفى بعض النسخ [ لا تذيعوا على جريح ] وفى الكافى والتهذيب [ لا تجهزوا على جريح ]. والاجهاز على الجريح: إتمام قتله والاسراع فيه.
(٥) سورة المائدة آية ٤٧.
(*)

[٢٩١]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق