* (ذكره صلى الله عليه وآله العلم والعقل والجهل) *
قال: تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه من
لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة، لانه معالم الحلال والحرام وسالك بطالبه سبل
الجنة، ومونس في الوحدة، وصاحب في الغربة، ودليل على السراء وسلاح على الاعداء،
وزين الاخلاء (2)، يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم، ترمق
أعمالهم (3) وتقتبس آثارهم وترغب الملائكة في خلتهم (4)، لان العلم حياة القلوب
ونور الابصار من العمى وقوة الابدان من الضعف، وينزل الله حامله منازل الاحباء
ويمنحه مجالسة الابرار في الدنيا والآخرة. بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف
الله ويوحد وبه توصل الارحام ويعرف الحلال والحرام، والعلم أمام العقل (5). والعقل
يلهمه الله السعداء ويحرمه الاشقياء، وصفة العاقل أن يحلم عمن جهل عليه ويتجاوز عمن
ظلمه ويتواضع لمن هو دونه ويسابق من فوقه في طلب البر، و إذا أراد أن يتكلم تدبر،
فإن كان خيرا تكلم فغنم وإن كان شرا سكت فسلم وإذا
___________________
(1) المستعتب: طلب العتبى اى الاسترضاء والمراد أن بعد
الموت لا يكون ما يوجب الرضا لان زمان الاعمال قد انقضى وختم ديوانها ولعل اصل
العتبى الرضا والفرح من الرجوع عن الذنب والاساءة وهذا المعنى لا يمكن الوصول إليه
الا في دار الدنيا، وقبل الموت فليس بعد الموت من استرضاء بهذا المعنى. (2) الاخلاء
جمع خليل. أى زينة لهم. (3) ترمق أعمالهم يعنى تنظر اليها وتكتسب منها فيجعلون
الناس أعمالهم على طريقتهم يقال: رمقه رمقا: أطال وأدام النظر إليه. (4) زيد هنا في
بعض نسخ الحديث [ يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم ]. (5) " أمام العقل " بفتح الهمزة
أى قائده. (*)
[29]
عرضت له فتنة استعصم بالله، وأمسك يده ولسانه، وإذا رأى فضيلة انتهز بها (1)،
لا يفارقه الحياء ولا يبدو منه الحرص، فتلك عشر خصال يعرف بها العاقل. وصفة الجاهل:
أن يظلم من خالطه ويتعدى على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، كلامه بغير تدبر،
إن تكلم أثم، وإن سكت سها وإن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته (2) وإن رأى فضيلة
أعرض وأبطأ عنها، لا يخاف ذنوبه القديمة ولا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب،
يتوانى عن البر ويبطئ عنه، غير مكترث (3) لما فاته من ذلك أو ضيعه، فتلك عشر خصال
من صفة الجاهل الذي حرم العقل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق