الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة

" وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة "
اوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده و رسوله. اتقوا الله وقولوا قولا معروفا. وابتغوا رضوان الله واخشوا سخطه. وحافظوا على سنة الله ولا تتعدوا حدود الله. وراقبوا الله في جميع اموركم. وارضوا بقضائه فيما لكم وعليكم. ألا وعليكم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ألا ومن أحسن إليكم فزيدوه إحسانا واعفوا عمن أساء إليكم. وافعلوا بالناس ما تحبون أن يفعلوه بكم.
ألا وخالطوهم بأحسن ما تقدرون عليه وإنكم أحرى أن لا تجعلوا عليكم سبيلا.
عليكم بالفقه في دين الله والورع عن محارمه وحسن الصحابة لمن صحبكم برا كان أو فاجرا.
ألا وعليكم بالورع الشديد، فإن ملاك الدين الورع. صلوا الصلوات لمواقيتها وأدوا الفرائض على حدودها.
ألا ولا تقصروا فيما فرض الله عليكم وبما يرضى عنكم، فإني سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " تفقهوا في دين الله ولا تكونوا أعرابا، فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ".
وعليكم بالقصد في الغنى والفقر. واستعينوا ببعض الدنيا على الآخرة، فإني سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " استعينوا ببعض هذه على هذه ولا تكونوا كلا على الناس ".
عليكم بالبر بجميع من خالطتموه وحسن الصنيع إليه.
[٥١٤]
ألا وإياكم والبغي، فإن أبا عبدالله عليه السلام كان يقول: " إن أسرع الشر عقوبة البغي ".
أدوا ما افترض الله عليكم من الصلاة والصوم وساير فرائض الله وأدوا الزكاة المفروضة إلى أهلها فإن أبا عبدالله عليه السلام قال: " يا مفضل قل لاصحابك: يضعون الزكتة في أهلها وإني ضامن لما ذهب لهم ".
عليكم بولاية آل محمد صلى الله عليه وآله. أصلحوا ذات بينكم ولا يغتب بعضكم بعضا. تزاوروا وتحابوا وليحسن بعضكم إلى بعض. وتلاقوا وتحدثوا ولا يبطنن بعضكم عن بعض (١) وإياكم والتصارم وإياكم والهجران فإني سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " والله لا يفترق رجلان من شيعتنا على الهجران إلا برئت من أحدهما ولعنته وأكثر ما أفعل ذلك بكليهما، فقال له معتب (٢): جعلت فداك هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال: لانه لا يدعو أخاه إلى صلته، سمعت أبي وهو يقول: " إذا تنازع اثنان من شيعتنا ففارق أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول له: يا أخي أنا الظالم حتى ينقطع الهجران فيما بينهما، إن الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم " لا تحقروا ولا ولا تجفوا فقراء شيعة آل محمد عليهم السلام وألطفوهم وأعطوهم من الحق الذي جعله الله لهم في أموالكم وأحسنوا إليهم. لا تأكلوا الناس بآل محمد، فإني سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " افترق الناس فينا على ثلاث فرق: فرقة أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا، فقالوا وحفظوا كلامنا وقصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله إلى النار.
وفرقة أحبونا وسمعوا كلامنا ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا فيملا الله بطونهم نارا يسلط عليهم الجوع والعطش.
وفرقة أحبونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فاولئك منا ونحن منهم " ولا تدعوا صلة آل محمد عليهم السلام من أموالكم: من كان غنيا فبقدر غناه ومن كان فقيرا فبقدر فقره، فمن أراد أن يقضي الله له أهم الحوائج إليه فليصل آل محمد وشيعتهم
___________________________________
(١) في بعض النسخ [ ولا يبطئن ] ولعل المراد ولا ينسا بعضكم بعضا، يقال: بطأ عليه وأبطأ أى أخره والتصارم: التقاطع.
(٢) معتب - بضم الميم وفتح العين وتشديد التاء المكسورة - هو مولى أبى عبدالله عليه السلام بل من خواص اصحابه وأيضا من اصحاب الامام السابع عليه السلام، ثقة وقد روى عن أبي عقد الله عليه السلام انه قال: موالى عشرة خيرهم معتب.
(*)
[٥١٥]
بأحوج ما يكون إليه من ماله. لا تغضبوا من الحق إذا قيل لكم.
ولا تبغضوا أهل الحق إذا صدعوكم به، فإن المؤمن لا يغضب من الحق إذا صدع به.
وقال أبوعبدالله عليه السلام مرة وأنا معه: يا مفضل كم أصحابك؟ فقلت: قليل، فلما انصرفت إلى الكوفة أقبلت علي الشيعة فمزقوني كل ممزق: يأكلون لحمي ويشتمون عرضي حتى إن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي وبعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي، ورموني بكل بهتان حتى بلغ ذلك أبا عبدالله عليه السلام، فلما رجعت إليه في السنة الثانية كان أول ما استقبلني به بعد تسليمه علي أن قال: يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك وفيك؟ قلت: وما علي من قولهم، قال: " أجل بل ذلك عليهم، أيغضبون بؤسا لهم، إنك قلت: إن أصحابك قليل، لا والله ماهم لنا شيعة ولو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك وما اشمأزوا منه، لقد وصف الله شيعتنا بغير ما هم عليه، وما شيعة جعفر إلا من كف لسانه وعمل لخالقه ورجا سيده وخاف الله حق خيفته، ويحهم أفيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة، أو قد صار كالتائه من شدة الخوف أو كالضرير من الخشوع، أو كالضني من الصيام، أو كالاخرس من طول الصمت والسكوت، أو هل فيهم من قد أدأب ليله من طول القيام وأدأب نهاره من الصيام، أو منع نفسه لذات الدنيا ونعيمها خوفا من الله وشوقا إلينا - أهل البيت - أنى يكونون لنا شيعة وانهم ليخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوهم عداوة وانهم ليهرون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب، وأما إني لولا أنني أتخوف عليهم أن أغريهم بك لامرتك أن تدخل بيتك وتغلق بابك ثم لا تنظر إليهم ما بقيت ولكن ان جاؤوك فاقبل منهم، فإن الله قد جعلهم حجة على أنفسهم واحتج بهم على غيرهم ".
لا تغرنكم الدنيا وما ترون فيها من نعيمها وزهرتها وبهجتها وملكها فإنها لا تصلح لكم، فو الله ما صلحت لاهلها.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

تم الكتاب بعون الملك الوهاب والحمد لله الذي من علي فضلا منه بتصحيح هذا السفر القيم والتعليق عليه ووفقني لاتمامه، وذلك من فضله ومنه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق